2014-04-09

السياق التاريخي لظهور التنمية المستدامة:

حتى ﻧﻬاية السبعينات من القرن الماضي، كان الارتباط بين الرفاه الاجتماعي والسياسات الاقتصادية هو الشغل الشاغل لخبراء الاقتصاد السياسي وعلم الاجتماع لفترة طويلة وقد عرفت السياسة الاقتصادية على اﻧﻬا السعي الواعي من اجل تحقيق النمو مقاسا بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجماليوقد نوقشت السياسة الاقتصادية كمسالة تتعلق بالاستغلال والاستخدام الأقصى للموارد الاقتصادية كأساس للرفع من معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي وفي المؤشرات الجزئية الأخرى الاقتصادية والاجتماعية، متجاهلة بذلك الدور الذي تلعبه البيئة كوسط تنفذ فيه هذه السياسات الاقتصاديةوالانفصال بين ما هو اقتصادي وما هو بيئي كان واضحا في المناقشات المتعلقة بالبيئة.


وبحلول أواخر السبعينات والثمانينات طغت على المناقشة نظريات تنموية أكثر تقدماوكانت هذه النظريات تنطوي على وجهة نظر أكثر عمقا وشمولا بالنسبة للنمو والتنمية، وجرى تحليل اثر السياسات الاقتصادية على المسائل الاجتماعية والبيئية، مثل الفقر والتوزيع ضمن الجوانب الاجتماعية، ونضوب الموارد الاقتصادية والتلوث ضمن الجوانب البيئية.


ان توقعات البيئة العالمية بينت بأنه إذا ما استمرت الاتجاهات الحالية في النمو الديمغرافي والاقتصادي والأنماط الاستهلاكية، فستزداد الضغوط بصورة كبيرة على البيئة الطبيعية تفوق قدرﺗﻬا الاستيعابية وقد تضيع المكاسب البيئية والتحسينات الظاهرة نتيجة ازدياد التلوث واستتراف الموارد الطبيعية.

لعل أول فكرة لظهور الاهتمام بالبيئة وبالتالي التنمية المستدامة، هو عندما أنشئ ما أطلق عليه بنادي روما سنة


1968 ، حيث ضم عدد من العلماء والمفكرين والاقتصاديين وكذا رجال أعمال من مختلف أنحاء العالم، دعى هذا النادي الى ضرورة إجراء.أبحاث تخص مجالات التطور العلمي لتحديد حدود النمو في الدول المتقدمة



-في سنة 1972 ينشر نادي روما تقريرا مفصلا حول تطور اﻟﻤﺠتمع البشري وعلاقة ذلك باستغلال الموارد الاقتصادية،وتوقعات ذلك حتى سنة2100 ، ولعل من أهم نتائجه، هو انه سيحدث خللا خلال القرن الواحد والعشرين بسبب التلوث واستتراف الموارد الطبيعية وتعرية التربة وغيرها.كما تم نشر دراسة جاي فورستر بعنوان "حدود النمووالتي تضمنت نموذج رياضي لدراسة خمسة متغيرات أساسية بارزة وهي استتراف الموارد الطبيعية، النمو السكاني، التصنيع، سوء التغذية، تدهور البيئةحيث أبرزت هذه الدراسة اتجاهات هذه المتغيرات الخمسة وأثرها على الكوكب الأرضي، وذلك لمدة ثلاثين سنة
16 جويلية 1972 تنعقد قمة الأمم المتحدة حول البيئة في ستوكهولم، حيث - -في نفس السنة وبالتحديد خلال عرض مجموعة من القرارات الخاصة بالتنمية الاقتصادية وضرورة الترابط بين البيئة والمشاكل الاقتصادية


وطالبت الدول النامية بان لها الأولوية في التنمية إذا أريد تحسين البيئة وتفادي التعدي عليها وبالتالي ضرورة تضييق الفجوة ما بين الدول الغنية والفقيرة.


-في سنة 1982 وضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقريرا عن حالة البيئة العالمية وكانت أهمية التقرير انه مبني على وثائقعلمية وبيانات إحصائية أكدت الخطر المحيط بالعالم، وأشار الى ان أكثر من 25 ألف نوع من الخلايا النباتية والحيوانية كانتفي طريقها الى الانقراض، وان ألوفا غير المعروفة يمكن ان تكون قد اختفت ﻧﻬائياكما أفاد التقرير ان الأنشطة البشرية أطلقت عام 1981 في الهواء 990 مليون طن من أكسيد الكبريت و 68مليون طن من أكسيد النتروجين و 57 مليون طن من الموادالدقيقة العالقة، و 177 مليون طن من أول أكسيد الكربون من مصادر ثابتة ومتنقلة



-وفي 28 اكتوبر 1982 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الميثاق العالمي للطبيعة، الهدف منه توجيه وتقويم أي نشاطبشري من شانه التأثير على الطبيعة، ويجب الأخذ بعين الاعتبار النظام الطبيعي عند وضع الخطط التنموية.



-في 27 افريل 1987 قدمت اللجنة الدولية للبيئة والتنمية التابعة للأمم المتحدة تقريرا بعنوان"مستقبلنا المشتركويعرفكذلك بتقرير بورتلاند حيث اظهر التقرير فصلا كاملا عن التنمية المستدامة، وتم بلورة تعريف دقيق لها، وأكد التقرير على انه لا يمكننا الاستمرار في التنمية ﺑﻬذا الشكل ما لم تكن التنمية قابلة للاستمرار ومن دون ضرر بيئي




-بعد ذلك تعالت الأصوات وعقدت الندوات الفكرية والمؤتمرات المحلية والعالمية بعد ان تأكد بان الكوكب الأرضيأصبح في خطر، وبدأت الدعوات تدعو الى ضرورة إعادة النظر في اتجاهات التنمية الحالية لما يشهده العالم من تدمير ذاتي لأسس بقاءه واستمرارهوهكذا، على غرار الكوارث الطبيعية في العالم مثل انفجار المفاعل النووي"تشرنوبيلوانتباه جماعة الخضر الى ضرورة الاهتمام بالبيئة، تنعقد قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل، أو ما يعرف بمؤتمر الأمم المتحدة للبيئة ما بين 4-3- جوان 1992 ، خصص المؤتمر استراتيجيات وتدابير تحد من التآكل البيئي في إطار تنمية قابلة للاستمرار والتنمية، وملائمة بيئياوقد خرج المؤتمر بست نتائج



وضع معاهدة بشأن مسائل ذات أهمية كونية كمعاهدة لتغيير المناخ وأخرى للتنوع البيولوجي؛



إعلان ميثاق الأرض يحدد ويعلن مبادئ تلتزم الشعوب ﺑﻬا في العلاقات فيما بينها، ومع البيئة، وتؤكد على



استراتيجيات قابلة للاستمرار؛


-جدول أعمال (أجندةالقرن 21 لتطبيق ميثاق الأرض؛


-8وضع آلية تمويل للأنشطة التنفيذية للمبادئ المعلنة خصوصا في الدول النامية التي تفتقر الى موارد مالية إضافية لدمج البعد البيئي في سياساﺗﻬا الإنمائية؛
إقرار إتاحة التقانة البيئية لكافة الدول، مع احترام حقوق الملكية الفكرية؛



بحث مسألة المؤسسات التي ستشرف على عملية التنفيذ.




كما تم في شهر ديسمبر 1997 إقرار بروتوكول كيويتو الذي يهدف الى الحد من انبعاث الغازات الدفيئة، والتحكم في كفاءة استخدام الطاقة في القطاعات الاقتصادية المختلفة وزيادة استخدام نظم الطاقة الجديدة والمتجددة، إضافة الى زيادة المصبات المتاحة لامتصاص الغازات الدفيئة
من جانب أخر انعقد في افريل 2002 مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة في جوهانزبورغ بجنوب إفريقيا، ﺑﻬدف التأكيد على الالتزام الدولي بتحقيق التنمية المستدامة وذلك من خلال



؛ تقويم التقدم المحرز في تنفيذ جدول أعمال القرن 21 والصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية والبيئة عام 1992
استعراض التحديات والفرص التي يمكن ان تؤثر في إمكانات تحقيق التنمية المستدامة؛



اقتراح الإجراءات المطلوب اتخاذها والترتيبات المؤسسية والمالية اللازمة لتنفيذها؛



تحديد سبل دعم البناء المؤسسي اللازم على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.


Share this