2014-04-09

القطاع الخاص والتنمية المستدامة


ظاهرتان متزامنتان أصبحتا تحيطان بمفهوم التنمية في العالم، أولاهما أن قضية الاستدامة قد أصبحت ركناً أساسياً في التنمية، ويقصد بالاستدامة ألا تأتي التنمية للجيل الحالي على حساب الأجيال القادمة، ويدخل ضمن ذلك عدم استنزاف الموارد الناضبة مثل البترول والماء أو إبادة الغابات أو تلويث الهواء أو غير ذلك من الممارسات التي وإن حققت بعض المصالح على المدى القصير إلا أنها لا يمكن الاستمرار فيها إلى ما لا نهاية وإلا كان الضرر المتراكم أفدح من أن تتيسر معالجته وربما أصبح مدمراً للتنمية على المدى الطويل.
الظاهرة الثانية هي تنامي دور القطاع الخاص في التنمية الوطنية حيث يقوم هذا القطاع بدور أكبر في الاستثمار الصناعي والزراعي وفي إنشاء البنى التحتية والتنقيب عن الثروات الطبيعية واستخراجها وغير ذلك، والقطاع الخاص بطبيعته مدفوع بالسعي نحو الربح مما يجعل مسئولية رعاية الاستدامة والحرص عليها أمراً يختص به ويتولاه القطاع العام إما عن طريق الضبط النظامي أو بأسلوب التحفيز المادي.
وفي تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حدد الخبراء بعض الوسائل التي يمكن للقطاع العام من خلالها أن يقود القطاع الخاص نحو الاستدامة في التنمية، كان من بينها العمل على تخفيض حجم المخاطر أمام القطاع الخاص عن طريق توضيح الإطار القانوني للاستثمار ومعالجة التشوهات السوقية، وخلق نماذج جديدة للشراكة والتمويل بين القطاعين العام والخاص بالشكل الذي يجعلهما شركاء في المخاطر والمغانم،
ووضع الحوافز المناسبة للقطاع الخاص المتوافقة مع أهداف الاستدامة، واعتماد السياسات طويلة المدى التي تضمن استمرارية الحوافز وثباتها وتسهل الوصول إلى قنوات الائتمان والتمويل.
ومن ناحية أخرى فلقد بدأ القطاع الخاص ينظر إلى النواحي البيئية باعتبارها وسيلة إلى التميز وإلى جذب المستهلكين الذين ازداد وعيهم بالبعد البيئي في حياتهم، كما أن مفهوم الاقتصاد الأخضر قد أخذ في التنامي مما دفع مؤسسات القطاع الخاص إلى اعتباره ميداناً رحباً للاستثمار والربح إذا ما تمكنوا من إحراز قصب السبق في بعض الصناعات والأساليب عن طريق التركيز على التقنية والابتكار ورفع الكفاءة والاستفادة منها في الحفاظ على البيئة وتخفيض الاستهلاك والتكاليف.
إن من الواضح أن للقطاع الخاص دوراً هاماً في التنمية المستدامة، وأن التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص سوف يشكلان مفتاح النجاح إذا ما أردنا أن نحافظ على كوكبنا لمصلحتنا ومصلحة الأجيال القادمة.

Share this