عندما تبدأ الدول النامية في تجربة بناء الاقتصاد الوطني تواجه شكلين لتجربة البناء الاقتصادي في الدول المتطورة وهما النظام الرأسمالي القائم على أساس الاقتصاد الحر والنظام الاشتراكي القائم على أساس الاقتصاد المخطط . وعندما تحاول الدول النامية أن تختار منهجاً لعملية التطور الاقتصادي الاجتماعي وبناء الاقتصاد الوطني لا بد أن تهتم بعملية تفاعل شعوبها مع هذا المنهج. وتعبئة كل الطاقات في معركتها ضد التخلف وتحقيق أعلى وتائر للنمو فيها.
ويظل الاستعمار بشكليه الجديد والقديم هو المسؤول عن حالة التخلف الاقتصادي الاجتماعي التي تعيشها الدول العربية. ولن تستطيع الدول العربية الخروج من هذه الحالة إلا عن طريق استخدام الموارد الطبيعية المحلية المتاحة لزيادة كمية السلع والخدمات التي تنتجها في سبيل تلبية احتياجات مواطنيها وهذه هي التنمية الاقتصادية المطلوبة وتواجه التنمية الشاملة في الوطن العربي عدداً من المشاكل والصعوبات أهمها :
• ارتفاع معدل تزايد السكان في الدول العربية .
• النقص في الكوادر الوطنية.
• التبعية وأهمية قطاع النفط .
• التفاوت في مستوى التطور الاقتصادي الاجتماعي .
• انخفاض مستوى الادخار وتراكم رأس المال.
• التجزئة وإعاقة التنمية في الوطن العربي.
إن ترتيب هذه الصعوبات حسب أهميتها، قد لا يكون واقعياً كما ورد أعلاه. ففي الدول العربية على سبيل المثال قد يكون العامل الخامس قبل العامل الأول وهذا مرتبط بالظروف العامة لكل قطر، وتختلف درجة تأثير أحد هذه العوامل من قطر لآخر.
- ارتفاع معدل تزايد السكان في الدول العربية:
العقبة الهامة في طريق التنمية الاقتصادية في الوطن العربي هي ارتفاع معدل تزايد السكان، بحيث تكون معدلات زيادة الإنتاج السنوي تعادل أوأقل من معدل تزايد السكان مما يزيد البلدان الفقيرة فقراً. حيث أن الزيادة الكبيرة في عدد السكان تفرض عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد الوطني، وتستنفذ الموارد المتاحة بصورة أسرع. لقد استطاعت بعض الدول العربية أن تنجح في الحد من زيادة السكان، ودول عربية أخرى استطاعت أن تبدأ بدايات سليمة في سبيل الوصول إلى الهدف ذاته، كما أن هناك بعض الدول العربية التي لم تتمكن من خفض معدل تزايد السكان، مما أدى إلى عرقلة سير عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها.
وتتميز البلدان العربية بانخفاض نسبة السكان الذين يشاركون في النشاط الاقتصادي فيها. فبينما بلغ مجمل السكان في بدء العقد الحالي (السبعينات)، نحو 170 مليون نسمة. قدر حجم قوة العمل بنحو 45 مليون مشتغل. أي أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 26.5% ويعود ذلك إلى التركيب العمري للسكان وضعف مساهمة المرأة في أنشطة إنتاجية منظمة خارج المنزل والأسرة( ).
إضافة إلى ذلك، يتسم الأداء الاقتصادي في الدول العربية بانخفاض إنتاجية العمل وخاصة في قطاع الزراعة. وهذا طبعاً يعود إلى ضعف مؤهلات ومهارات القوى البشرية، طبيعة التقنية المستخدمة ومدى كفاءة إدارة النشاط الاقتصادي.
ويخرج التقرير الذي أعدته اللجنة الدولية برئاسة فيلي براندت والذي نشر عام 1980 باستنتاج مفاده (أن التنمية تقلل من معامل الولادة). أن الصلة بين الولادات والتنمية تبرز في اتجاهين، من جهة كلما كان مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية أعلى انخفض أكثر معامل الولادة واقترب من المستوى الذي نشأ في الدول المتطورة صناعياً. ومن جهة أخرى، كلما كان معامل الولادة أعلى، لدى الظروف الأخرى المتماثلة، صعب أكثر تحقيق مؤشرات أعلى للتنمية، وخاصة بالنسبة للفرد من السكان. وفي نهاية المطاف تتوقف وتائر نمو الناتج الداخلي الإجمالي بالنسبة للفرد من السكان. وفي نهاية المطاف تتوقف وتائر نمو الناتج الداخلي الإجمالي بالنسبة للفرد من السكان (أي المؤشر الاقتصادي للبلاد وقدراتها) سواء على حجم الإنتاج ووتائر نموه أو على وتائر النمو السنوي للسكان( ).
من المظاهر الإيجابية بالنسبة للسكان والقوى البشرية في الوطن العربي، أن (أبرز أنواع الإنتاج العربي المستمر على سوية عالية هو "الإنتاج البشري" أي تزايد السكان. أما المظاهر المقلقة للناحية السكانية في الوطن العربي هي : أن قوة العمل لا تزال تمثل بين 25 و 30% من مجموع السكان، وقد تزيد في بعض الدول وتنقص في أخرى، إلى أنها تظل منخفضة جداً مقارنة بالدول المتقدمة( ). والأسباب الرئيسية لانخفاض نسبة قوة العمل هي :
1- عدم دخول المرأة العربية معترك العمل والإنتاج بصورة مقبولة.
2- زيادة عدد الأطفال والسكان المعالين (دون سن العشرين).
3- البطالة بأشكالها المختلفة.
( لا شك أن تنمية الطاقات البشرية هي عماد مشروع التنمية في أي مجتمع، ولكنها تكتسب أهمية خاصة في الوطن العربي، إذ على خلال الأفكار الشائعة عن ثراء الوطن العربي، ليست المنطقة العربية غنية، في الأجل الطويل، إلى بالبشر، وفقط إذا تمت تنمية طاقات العرب بما يمكنهم من المشاركة الفاعلة في مشروع التنمية). ( )
وعملية بناء الإنسان عملية شاقة جداً وتتطلب العديد من الجهود، ولا يمكن الاستفادة القصوى من الطاقات البشرية في الوطن العربي، إلا من خلال بناء الإنسان عن طريق، التعليم وتطويره، وهذا يتضمن محاربة الأمية والقضاء عليها، وتطوير ملكات النقد والتعبير والإبداع، إضافة إلى ذلك يحتاج بناء الإنسان إلى رفع المستوى الصحي، توفير الغذاء الكامل، تأمين الوقاية والعلاج من الأمراض، أي بصورة إجمالية تأمين الحاجات الإنسانية الضرورية التي تحفظ كرامة الإنسان.
إن التفاوت في مستوى التطور الاقتصادي يؤثر ويتأثر في المعدل السنوي لنمو السكان، حيث يلاحظ أن الدول ذات المعدل المنخفض لنمو الناتج المحلي تتميز، كقاعدة عامة، بمعدل عالي سنوي لتزايد السكان. وهذا يؤدي بالنتيجة إلى تزايد التفاوت في حصة الفرد من الناتج المحلي.
كما أن التفاوت في مستوى التطور وعدد السكان في البلدان العربية يعتبر من العوامل الهامة التي تعيق عملية التنسيق والتكامل والتعاون فيما بين هذه البلدان.
ويمكننا تقسيم أقطار الوطن العربي من حيث عدد السكان إلى المجموعات التالية:
1- المجموعة الأولى - وتضم البلدان التي يقل عدد السكان فيها عن خمسة ملايين نسمة وتحتاج هذه الدول لتأمين احتياجات مواطنيها إلى بناء بعض فروع الصناعة مثل الصناعات الغذائية، النسيجية، صناعة مواد البناء، الطاقة إلخ .
2- المجموعة الثانية - وتضم البلدان التي يتراوح عدد سكانها بين 5 و10 ملايين نسمة وتتسع هنا إمكانية بناء بعض الصناعات الهامة لإنتاج السلع الاستهلاكية وكذلك الصناعات الكيماوية وصناعة الآلات لتأمين ما تحتاج إليه السوق المحلية، وتتميز هذه البلدان بأنها مرتبطة بصورة قوية مع الدول الأخرى ذات المستوى المماثل من النمو الاقتصادي الاجتماعي.
3- المجموعة الثالثة - وتضم البلدان التي يتراوح عدد سكانها بين 10 و 15 مليون نسمة، وتحتاج هذه البلدان إلى قيام بعض الصناعات الهامة والمتخصصة أحياناً لتأمين حاجة السوق من السلع والمواد، والتخصص هنا يشمل القطاعات التقليدية في الصناعة والقطاعات الحديثة.
4- المجموعة الرابعة - وتضم البلدان التي يزيد عدد سكانها عن 15 مليون نسمة.
وتكون لدى هذه المجموعة إمكانية الاكتفاء الذاتي والاعتماد على التجارة الخارجية والاستيراد أقل من بقية المجموعة الأخرى، وقد يمكنها هذا العدد من السكان من بناء قاعدة صناعية تشمل كافة الفروع الأساسية للإنتاج.
- النقص في الكوادر الوطنية في الدول العربية:
إن بناء الكوادر القادرة على المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية يعني تطور المدارس والتعليم بصورة عامة والتعليم بصورة خاصة، فعلى الرغم من كون إعداد الطلاب في الجامعات والمدارس الثانوية في الدول العربية في ازدياد مستمر إلى أنه لا يزال أقل من المستوى المطلوب إذ أن هذه المشكلة هو هروب الأدمغة، أو ما يسمى بالإنكليزية (brain drain) إلى البلدان الرأسمالية المتقدمة، وأهم العوامل التي تساعد على هجرة الخبرات من الدول العربية الظروف المادية الأفضل التي توفرها لهم الدول التي تستقبلهم وخاصة الرأسمالية، وتقدم هذه الدول من المغيرات لسرقة الأدمغة من البلدان العربية التي هي بأمس الحاجة إلى خبراتها. إن أفضل وسيلة لبناء الكوادر الوطنية المؤهلة هي بناء شبكة من المدارس التعليمية الفنية ولقد استطاعت بعض الدول العربية أن تحقق نتائج معقولة في هذا المجال.
وحيث أن الدول العربية مرغمة على استيراد التكنولوجيا الحديثة من الدول المتقدمة فهي تعاني حالياً من مشكلة جديدة: ما هي درجة التقنية والتكنولوجيا التي يجب أن تستوردها، بحيث تعطيها أفضل النتائج في زيادة إنتاجية العمل وتناسب مرحلة النمو والتطور التي تمر بها هذه البلدان؟ ( ) وللإجابة عن هذا السؤال يجب تحديد دور ومكانة الثورة التكنولوجية العلمية في تسريع عملية التطوير والنمو في الدول العربية. وتعبر الثورة العلمية التكنولوجية أهم العوامل التي تهدف إلى تسريع النمو الاقتصادي الاجتماعي وبمعنى أدق تهدف إلى زيادة إنتاج السلع والخدمات.( )
إن عملية استيراد التكنولوجيا ليست عملية سيئة بحد ذاتها، إلا أن عدم توافر الشروط الاجتماعية والاقتصادية المناسبة سيكون عائقاً في عملية الاستفادة من الثورة العلمية التكنولوجية وسيؤدي بالتالي إلى نتائج سلبية على عملية التنمية وتجدر الإشارة هنا إلى نسبة تحديث وإدخال التكنولوجيا إلى مختلف القطاعات لا ينمان بدرجة واحدة وإنما يتمان في الدول العربية بدرجات متفاوتة، ففي حين نجد أن بعض القطاعات الاقتصادية تعمل وتستفيد من التكنولوجيا العالية المستوردة نرى هناك قطاعات ما زالت تعمل بطرق بدائية، وهذه نتيجة وقوع الدول العربية دائماً ضحية استيراد هذه التكنولوجيا الحديثة في صنعها.
- التبعية وهيمنة قطاع النفط في الدول العربية:
تختلف درجة اعتماد الاقتصاد على النفط وتبعيته من دولة إلى أخرى ولكننا نستطيع أن نقول أن معظم الدول العربية وأعضاء الأوابك خاصة تعتمد في اقتصادها الوطني على النفط ويبدو ذلك واضحاً من خلال حصة النفط في إجمالي الصادرات أو في إجمالي الدخل أو في إجمالي الناتج القومي، تراوحت حصة النفط في صافي الدخل القومي في خلال الفترة(1970-1980) بين 56.3% و82.7% والجدير بالذكر أن حصة النفط في إنتاج الدخل القومي تزداد باستمرار، لقد زاد نصيب النفط في إنتاج الدخل القومي في المملكة العربية السعودية من 5507% عام 1970 إلى 70.9% عامي 1973-1974، أما في ليبيا فلقد تراوحت حصة النفط بين 51.3% و61.2%، ولقد شمل هذا الاتجاه – ازدياد حصة النفط في إجمالي الناتج القومي –بقية الدول النفطية العربية.
لقد أصبحت الدول العربية الغنية بالنفط تشكل مكاناً اقتصادياً مناسباً لرأس المال الأجنبي الذي بدأ يغزو هذه الدول لاستثماره في استخراج النفط، وكان الهدف الذي يسعى إليه رأس المال هذا هو تحقيق أكبر الأرباح لأصحابه ومصالح الدول الأجنبية التي قدم منها دون أي اهتمام بمصالح الدول المنتجة للنفط، أن الربحية العالية التي كانت تعطيها الاستثمارات في مجال النفط جعلت الرأسمال الأجنبي لا يهتم أبداً ببقية القطاعات الاقتصادية الأخرى. لقد استطاعت شركات النفط الاحتكارية بفضل قوتها ومكانتها الاقتصادية أن يكون لها أثر كبير في الحياة السياسية والاقتصادية للدول العربية النفطية، لقد كانت معظم الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت بهذه البلدان مسيرة إلى درجة كبيرة من قبل شركات النفط الاحتكارية وبما يخدم مصالحها قبل مصالح الدول صاحبة العلاقة بهذه الأحداث، ونجم عن ذلك اعتماد اقتصاد هذه الدول بصورة كاملة على استخراج وتصدير النفط الخام، أن اقتصاديات هذه البلدان أصبحت بالكامل تعتمد على إنتاج النفط الخام وبيعه للدول الصناعية الكبرى، وبالتالي أصبحت البلدان العربية النفطية تابعة للسوق العالمية للنفط، أي أن هذه الدول أصبحت عبارة عن مصدر كبير للنفط الخام حيث أنهم لا يملكون بصورة عادية أي إمكانيات أخرى للحصول على الكميات الكبيرة من القطع الأجنبي التي يحتاجون إليها من أجل دفع قيمة المستوردات التي يشترونها، كما أنهم لا يملكون صناعة وطنية لتأمين حاجة السوق الداخلية من السلع ولذلك فهم مضطرون لتغطية ما يحتاجون إليه من سلع، صناعية كانت أو زراعية، استهلاكية أو إنتاجية، عن طريق الاستيراد.( ) إن القضاء على التبعية الاقتصادية يتطلب تنفيذ شروطاً ثلاثة على الأقل وهي:
1- يجب أن يكون هيكل الإنتاج عاملاً مساعداً على النمو وملبياً حاجات الاقتصاد الوطني.
2- يجب أن يكون تنويع وتوزيع التجارة الخارجية لبلد ما بدرجة معينة بحيث تكون عاملاً مساعداً على النمو أيضاً.
3- إن عملية التنمية وإرادتها يجب أن تكون بيد الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في النمو والتطور.( )
ونرى أن الدول العربية ان لم تكن تفتقر لهذه الشروط الثلاثة فهي تفتقر بالتأكيد إلى أحدها وبذلك فهي تعاني من مشكلة التبعية الاقتصادية واعتماد اقتصادها على النفط الخام. والجدول التالي يوضح مدى اعتماد اقتصاديات بعض الدول العربية على النفط وتبعيتها له.
حصة النفط في صادرات كل من الكويت والسعودية
وليبيا خلال الفترة 1973/1977
الدولة 973/974 1974/1975 1975/1976 1976/1977
الكويت 96.4% 93.6% 93.0% 92.3%
السعودية 99.9% 99.8% 99.9% 99.1%
ليبيا 99.9% 99.9% 99.9% 99.9%
المصدر: أطروحة دكتوراه للكاتب تحت عنوان (أثر زيادة عوائد النفط على التنمية الاقتصادية الاجتماعية في دول الأوابك) باللغة البولونية ص292 .
وتقوم حالياً الدول العربية ببناء المشاريع التي وجدت أنها ضرورية للقضاء على التبعية للسوق التجارية العالمية (التجارة الخارجية) والهدف من قيام هذه المشاريع هو تنويع القاعدة الاقتصادية وعدم الاعتماد على النفط الخام وحده، أن تنفيذ مثل هذه السياسة يجب أن يحقق الأهداف التالية:
1- زيادة حصة المنتجات الصناعية في إجمالي الصادرات وخفض حصة النفط الخام.
2- تهيئة وإيجاد قاعدة متينة تساعد على تحقيق التطور والنمو في مختلف المجالات .
3- بناء الصناعات الضرورية والقادرة على منافسة البضائع والسلع المستوردة.
4- تحسين شروط التبادل التجاري في التجارة الخارجية والتي يجب أن تكون وسيلة تخدم عملية استخراج الاحتياطات والثروات المعدنية وألا تكون التجارة الخارجية غاية بحد ذاتها.
إن النتائج الاجتماعية والاقتصادية لهذه العمليات سوف تختلف من بلد لآخر، وهذا يعتمد قبل كل شيء على الإمكانات والظروف المتوافرة والتي تساعد على النمو، وعلى مفهوم التنمية وتحديد هيكلها وأهدافها السياسية والاجتماعية ومدى فعالية النمو والتطور بالنسبة إلى هيكل العام للاقتصاد الوطني.( )
ويقتضي العمل على إشباع الحاجات الأساسية في إطار الاعتماد على النفس، تطوير النسق الإنتاجي القائم حالياً في الوطن العربي ليتوجه، في الزراعة والصناعة والخدمات، وبالتفاعل مع بناء القدرة التكنولوجية الذاتية، لإنتاج (قيم الاستعمال) المطلوبة للوفاء بالحاجات الأساسية للناس وبالتركيز على الاستهلاك الجماعي بدلاً من الفردي، وذلك عوضاً عن نمط الاستهلاك المقلد للغرب والذي يقوم على تنوع كبير في السلع المصممة لمجموعات الدخل العليا، ويتطلب استيراداً واسع النطاق للتكنولوجيا المجسدة في السلع والمعدات، وواضح أن هذا التوجه يؤدي بدوره لدعم التحرر من التبعية التكنولوجية، وتطوير القدرة الذاتية في التكنولوجيا .
- التفاوت في مستوى التطور بين الدول العربية:
يضم الوطن العربي دولاً ذات ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية متباينة ومستويات متفاوتة من التطور، وتختلف الدول العربية بعضها عن بعض، من حيث المؤشرات الطبيعية – الديمغرافية .
بيد أن الدول العربية كافة يوحدها عدد من العوامل، اللغة المشتركة، التاريخ المشترك، الثقافة العربية، الشعب العربي، الوطن الواحد، المصالح الاقتصادية المشتركة إضافة إلى عامل مهم جداً وهو أن أمامها جميعاً مهمة التنمية الشاملة، وتسريع وتائر النمو، وفي الوقت ذاته يتجلى بوضوح أكثر فأكثر تمايز الدول العربية واشتداد التفاوت في تطورها إضافة إلى التمايز والتفاوت في مستوى التطور بين الدول العربية، فإننا نجد مجالاً ثانياً للتفاوت، وهو التمايز بين الدول العربية والدول النامية، ومجالاً ثالثاً بين الدول العربية والدول المتقدمة.
ويمكننا تحديد درجة التفاوت بين الدول العربية من خلال :
- المؤشرات الديمغرافية : (النمو السنوي لعدد السكان، عدد الولادات، عدد الوفيات).
- المؤشرات الاقتصادية : (مقارنة معدلات النمو، بخاصة معدل نمو الناتج الإجمالي لبعض الدول العربية، خلال فترة زمنية طويلة).
والجدول التالي يوضح لنا مؤشرات التفاوت (وعدم التكافؤ) في مستوى التطور وعدد سكان بعض الدول العربية :
مؤشرات التفاوت (وعدم التكافؤ) في مستوى التطور وعدد سكان بعض الدول العربية
الدول العربية عدد السكان (مليون نسمة) المعدل السنوي لنمو السكان الدخل الفردي (دولار) معدل النمو خلال الفترة
(1950-1976)
الناتج المحلي الإجمالي الناتج المحلي الإجمالي للفرد
1979 1985 (%) 1979 (%) (%)
مصر 41 47.1 2.6 310 5.30 2.75
الجزائر 19 21.7 3.3 1100 6.20 3.50
المغرب 19 23.0 3.2 570 2.65 0.01
السودان 18 23.0 2.7 200 4.10 1.45
العراق 13 16.5 3.4 1530 5.60 2.26
الكويت 1 1.3 3.7 12700 11.40 4.90
قطر 0.2 0.2 3.0 11670 17.05 13.93
المصدر: ماي فولكوف، اشتداد التفاوت في التطور، سلسلة البلدان النامية، قضايا وآفاق العدد (2) لعام 1984، أكاديمية العلوم السوفييتية، موسكو 1984، ص135 .
لقد نشأت بسبب التفاوت في التطور الاقتصادي بين الدول العربية، هوة كبيرة وعميقة من حيث مؤشر الدخل الفردي، حيث نلاحظ أن الدخل الفردي في الكويت يصل إلى 12700 دولار في عام 1979 بينما لم يتجاوز في مصل مبلغ 310 دولار. بالتأكيد كان هذا الفرق الكبير في درجة التفاوت بين دخل الفرد الفرد في مصر مثلاً ودخل الفرد في الكويت وقطر، ناجم عن المبالغ والعوائد الكبيرة التي تحصل عليها الدول العربية الغنية بالنفط مقابل تصدير كميات كبيرة من هذه الثروة المعدنية.
وتنشأ نتيجة لعملية التمايز – الذي يتزايد أكثر فأكثر مع مرور الوقت – وتعاظم عدم التوازن في تطور الدول العربية. مجموعات من الدول المتباينة من حيث مستوى التطور الاقتصادي، وفي النتيجة يكون لها أثر سلبي على التكامل الاقتصادي العربي، وقيام الوحدة العربية الشاملة.
كما يؤدي التفاوت وعدم التكافؤ المتزايد، إلى أضعاف الجبهة الموحدة للأقطار العربية مع بقية الدول النامية في مواجهة النهب الإمبريالي، وفي سبيل إقامة نظام اقتصادي دولي جديد.
- التراكم، الادخار والاستثمار في الدول العربية:
إن ارتفاع نسبة التراكم في الدخل القومي لا تؤدي حتماً إلى حل مشكلة تمويل الاستثمارات الضرورية، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار كمية التراكم وخاصة في الدول النامية، وفي مرحلة تحديث الاقتصاد القومي واستيراد التكنولوجيا، يُكّون الحجم المطلق للتراكم أهم من مؤشر ارتفاع نسبة التراكم.
الاستثمار هو الإنفاق الذي يجبر به رب العمل كي يقيم أو يحفظ ويطور الجهاز الإنتاجي، ويعبر عنه عادة بتحويل رأس المال النقدي إلى رأسمال منتج (تحويل مبلغ من المال إلى وسائل عمل وإنتاج). والاستثمار على مستوى المنشأة أو المصنع يختلف عنه على مستوى الاقتصاد الوطني، ففي حين نلاحظ أن شراء مصنع في حالة العمل يشكل استثماراً بالنسبة للشاري، وتوقع عن الاستثمار بالنسبة للبائع، بينما هذا الإجراء لا يشكل أي الاستثمار جديد بالنسبة لمجمل الاقتصاد الوطني. ( )
والاستثمارات الخارجية هي عبارة عن المؤسسات والمشاريع التي يتم إقامتها في دولة ما ولكن بتمويل خارجي ومن قبل دولة أخرى، سواءً قام بذلك الأفراد أو المؤسسات. ونعني بالاستثمار دائماً، ما يضاف إلى رصيد المجتمع من رأس المال مثل تشييد مباني سكنية جديدة، مصانع جديدة، آلات جديدة فضلاً عن أية إضافة إلى المخزون من المواد الأولية والسلع تامة الصنع أو نصف المصنوعة.
إن عملية التنمية تحتاج إلى تراكم لرأس المال يتزايد باستمرار، حين يجب أن يتم استخدام كامل مدخرات الأفراد والمجتمع عن طريق خلق فرص كافية للاستثمار، (قد تكون الدول العربية الغنية بالنفط لا تعاني من هذا النوع من الصعوبات وهي السعودية، الكويت، ليبيا، الإمارات العربية المتحدة، قطر، البحرين، الجزائر، العراق) إلا أن بقية الدول العربية تواجه هذه المشكلة التي تتفاوت حدتها من دولة إلى أخرى. والسبب الأساسي في ذلك أن غالبية المجتمع في الدول العربية على حالة من الفقر لا تسمح لهم مجرد التفكير بالادخار. مع العلم أنه كلما اشتد الفقر في أي قطر عربي، اشتدت الحاجة في هذا القطر إلى ادخار وتراكم رأس المال لخلق فرص استثمار جديدة، (إلا أنه كلما اشتد فقر الدولة تعذر على الشعب أن يدخر، ومن أهم واجبات التنمية الاقتصادية أن تكسر هذه الحلقة المفرغة).( ) والطريق الوحيد لكسر هذه الحلقة المفرغة هو استخدام عوائد النفط في تمويل عملية التنمية.
إذا كان معدل الدخل الفردي في بلد ما منخفضاً لا يتجاوز 500 دولار سنوياً، فإن ذلك يعني أن ليس هناك ثروات كبيرة يملكها بعض المواطنين، إن العمال والفلاحين في الوطن العربي لا ينالون كدخل فردي إلى أدنى درجات المعدل الوسطي، بينما يتمتع أفراد الطبقات الغنية بدخل مرتفع، يمكن استخدامه في تمويل عملية التنمية الاقتصادية. إلا أن هذا لا يحدث عملياً. لأن الأغنياء من الملاكين ينفقون الدخل الذي يحصلون عليه في شراء الكماليات المستوردة، وفي اقتناء الأثاث الفاخر، وفي تسديد أجور ونفقات الخدم والرحلات الترفيهية، في حين كان المفروض أن تنفق هذه الأموال في المشاريع التنموية التي تساعد البلاد في تطورها وتقدمها.
(لقد شكل وجود رأس المال أو الوسائل المادية للإنتاج الوسيلة التي انتقل بواسطتها الإنسان من البدائية إلى تكوين الحضارات، وما زال رأس المال، على الرغم من تناقص أهميته بالنسبة للتنظيم الاجتماعي للإنتاج والتقنية، يمثل المقومات المهمة التي ترتكز عليها القاعدة الإنتاجية للتنمية. ولذلك فإن تكوين رأس المال المجتمعي من وسائل الإنتاج المادية المباشرة وغير المباشرة وتحسين نوعية هذه الوسائل، يمثل أحد التحديات التي تواجه المجتمعات المختلفة والنامية على حد سواء، وتكوين رأس المال في بداية عملية التنمية يحتاج إلى كثير من التضحيات، فشد الأحزمة على البطون قد يكون ضرورة، وتخصيص معدل مرتفع نسبياً من الناتج المحلي الجاري للاستثمار من أجل التكوين الرأسمالي، يصبح نتيجة منطقية للسياسة الإنمائية).( )
إن أهم ما يحتاج إليه المجتمع في بداية مسيرته التنموية هو تكوين بنية تحتية مناسبة إضافة إلى إنشاء وتأسيس وحدات إنتاجية عصرية (المزارع، المصانع، منشآت الإنتاج الأخرى) التي تقوم بتأمين السلع والخدمات الضرورية، وهذا يحتاج طبعاً إلى تخصيص جزء كبير من التراكم الرأسمالي المحلي للاستثمار لخلق وتطوير وسائل الإنتاج المادية، التي تساهم في إنتاج السلع والخدمات لتلبية احتياجات المجتمع الأساسية، وهذا يؤدي إلى تحاشي الوقوع في قطب التبعية.
إن انعدام الموارد المالية، وضعف التراكم والاستثمار في الدول النامية يؤدي إلى عدم تمكن القطاع العام أو القطاع الخاص من بناء وتنفيذ المشروعات التنموية الجديدة، أخو خلق وسائل إنتاج مادية جديدة.
ومن المشاكل التي تؤدي داخلياً إلى ضعف التراكم والاستثمار، أنه لا توجد أمام المواطن العادي طريقة مناسبة يدخر بها الأموال التي يوفرها إذا وصل إلى مستوى كاف من الدخل، وعندما يرغب هذا المواطن في ادخار واستثمار الفائض الذي تجمع لديه إما أن يتورط مع المرابين أو النصابين الذين يستولون على أموال الناس، ثم بعد فترة يعلنون إفلاسهم فتذهب هذه المدخرات إلى جيوب المستغلين والطفيليين، وعندما تتوفر مؤسسات ائتمان وادخار أمينة محترمة، يستطيع المواطن حينذاك أن يثق بهذه المؤسسات ويتحاشى المستغلين.
ولا يكفي أن تتوفر مؤسسات الائتمان، لأن مشكلة الائتمان ليست مشكلة مؤسسات، بل في حالة نفسية وعقلية، فإن عدم الثقة (وخاصة في الدول حديثة الاستقلال) متأصل تأصلاً عميقاً في عقل المواطن العادي، ويمكن أن يحدث نتيجة لتجارب تاريخية أو قلق سياسي فلا بد من تغيير هذا الشعور لدى المواطن قبل إصلاح وتأسيس مؤسسات الائتمان.
ثمة عقبة أخرى في طريق التنمية الاقتصادية في الوطن العربي هي التجزئة والتفرقة التي تعيشها أقطار الأمة العربية، وخاصة الحواجز التي تقام في وجه حرية التبادل التجاري بين الدول العربية (ضعف وتراجع التجارة البينية العربية).
(أن التطورات والتحولات التي عرفها العالم العربي منذ حصول أقطاره على استقلالاتها السياسية لم تمكنه عملياً من تحقيق تنميته المستقلة، فكل بلد عربي مندمج في السوق الرأسمالي العالمي بانفصال عن الدول الأخرى، كما أن الأسس التاريخية وكيفيات ودرجة هذا الاندماج – وهي متغيرة في كل بلد - تشكل عوامل موضوعية تتعارض مع أية خطة تنمية طموحة وأي اندماج اقتصادي عربي منشود، وبالتالي يصعب أن نتكلم في الظروف الراهنة على (اقتصاد عربي) بالمعنى الصحيح، بل نستطيع أن نتكلم فقط على مجموعة تنظيمات اقتصادية متناقضة داخل إطار واحد.( )
ويعتبر حل المشكلة النقل والموصلات بين أقطار الوطني العربي من العوامل المساعدة في عملية التطور والتنمية، أن الطرق الجيدة والقنوات، والأنهار الصالحة للملاحة، والموانئ الحديثة، بما تحققه من ربط للأقطار العربية وخفض في تكلفة النقل، وتكون قد قربت بين أجزاء الوطن العربي المتباعدة فأصبحت في مستوى الدولة الواحدة، وتتضمن مشكلة النقل أولاً وقبل كل شيء التكلفة، ثم سلامة ما ينقل، سرعة النقل التي تسمح بقيام أسواق محلية وعربية كبيرة بدلاً من الأسواق الصغيرة المتباعدة كما وأن تطور وسائل النقل يساعد على توحيد أنماط الاستهلاك بين أقطار الوطن العربي. إن التنمية الشاملة تفيد حتماً من المسيرة القطرية للتنمية ولكنها تتسارع وتزداد صلابة ورشدانية إذا انطلقت الخطط القطرية من تخطيط إنمائي قومي.( )
تتطلب التنمية، كما هو معروف، زيادة الإنتاج المادي، وهذا يعني زيادة الإنتاج الصناعي وزيادة الإنتاج الزراعي، وحيث أن الصناعة حديثة العهد، تبدأ اليد العاملة بالانتقال من المزارع إلى المعامل لتشغيلها، وفي الوقت الذي تنتقل فيه الأيدي العاملة من المزارع يطلب من الذين يبقون فيها أن ينتجوا مزيداً من المنتجات الزراعية (الغذائية وغيرها)أكثر من أي وقت مضى، أما إذا لم يُنتج الفلاحون المزيد من المواد الغذائية يؤدي ذلك إلى عدم الاكتفاء الذاتي مما يضطر الدولة النامية لاستيراد المواد الغذائية لاطعام مواطنيها، من البلدان الأخرى، (وهذا يتنافى مع مصلحة البلاد، لأنه يجب ألا ينفق النقد الأجنبي في شراء الطعام الإضافي بل ينبغي توفير هذا النقد لتسديد قيمة ما تحتاج إليه البلاد من الآلات المستوردة من الخارج، وغير ذلك من المواد التي لا بد من الحصول عليها لتحقيق التنمية المطلوبة .
أي أن استيراد المواد الاستهلاكية يشكل عبئاً على عملية التنمية الاقتصادية، في حين يكون استيراد الآلات والأدوات ومستلزمات الإنتاج الأخرى عوامل مساعدة على النمو والتطور. لا شك أن لقطاع الزراعة دوراً مهماً في عملية التنمية، ويستطيع أن يقوم بهذا الدور من خلال تحقيق الأهداف العامة للسياسة الزراعية التالية:
1- توفير حاجات المواطنين من السلع والمواد الغذائية.
2- زيادة المحاصيل الزراعية التصديرية لتوفير القطع الأجنبي، اللازم لشراء الآلات والتكنولوجيا الحديثة من الدول الأخرى.
3- تأمين حاجات الصناعة من المواد الأولية الزراعية لتشغيل معاملها.
4- توفير السيولة النقدية للفلاحين، عندما يكون القطاع الزراعي عبارة عن سوق للسلع غير الزراعية (استهلاكية أو إنتاجية).
5- توفير فرص العمل للمواطنين والمساهمة في إنجاح خطة اليد العاملة.
هل تحقق الزراعة هذه المهمات في اقتصاديات الدول العربية؟
أمر لا يزال موضع الدراسة وتقويم في مختلف الدول العربية.
وهناك المشاريع العامة التي تحتاج الدول النامية إلى إقامتها، بسبب أهميتها، (مثل الطرقات، السكك الحديدية، المطارات، المياه، المدارس، الكهرباء، المرافق الصحية) إلا أن إنجاز هذه المشاريع يتطلب عدة سنوات، وهي لا تعود بفوائد عاجلة على جماهير المواطنين لتثبت لهم أن حكومتهم تعمل، وتحقق في طريقها تحسين مستوى المعيشة للمواطن، أن ما يهم المواطن هو تحقيق المنافع العاجية التي يمكن أن يدركها سريعاً ويلمسها بنفسه دون انتظار طويل، وخاصة على الصعيد الصحة والغذاء، حينذاك يعرف المواطن بأنه يكتسب فوائد شخصية حقيقية ناتجة عن عملية التنمية التي تهتم بها وتنفذها الحكومة.
وسواء أكانت الحكومة مستبدة أم ديموقراطية عادلة، فإن نجاح أي تطور عصري يعتمد في الدرجة الأولى على تأييد الشعب وتعاونه ولكي يتسنى للحكومة اجتذاب فكرة وكسب تأييده يجب إصلاح الأحياء الفقيرة في المدينة، وتحسين مستوى المعيشة في الريف مما يمكن أن يظهر للشعب بصورة واضحة أن هذا الإصلاح وهذا التحسين ليسا إلى خطوة في طريق التقدم، وليس إلى تنفيذاً للوعد الذي أعطته الحكومة لتحسين الأوضاع تحسيناً ذا بوادر قريبة.( )
( لذلك من الضروري أن تعمل الحكومة على كسب تأييد الشعب وتعاونه من خلال الإنجازات التي تحققها في سبيل التنمية. إن التنمية الشاملة تفيد حتماً من المسيرة القطرية للتنمية ولكنها تتسارع وتزداد صلابة ورشدانية إذا انطلقت الخطط القطرية من تخطيط إنمائي قومي).( )
هذه أهم المشاكل والصعوبات التي تتعرض لها عملية التنمية في مختلف أقطار الوطن العربي من حيث عدم تحديد هوية النظام الاقتصادي الاجتماعي في بعض الدول أو تحديد الهدف الرئيسي للنشاط الاقتصادي الاجتماعي، ولا بد أن تكون عملية التنمية الاقتصادية الاجتماعية موضع اهتمام الفئات والطبقات الاجتماعية كافة، وهذا يتطلب تحقيق مصالح مختلف فئات الشعب ويرتبط مسار التطور في الدول العربية كما في بقية الدول النامية بالظروف الداخلية للبلد وكذلك بعوامل خارجية خاصة التجارة الخارجية.