2017-01-15

التنمية المستدامة من خلال نماذج عملية








احتضنت جنيف مؤخرا معرضا لتجارب عملية في ميدان التنمية المستدامة في 23 مدينة من بلدان الشمال والجنوب من بينها بعض الدول العربية.


المعرض الذي انتظم من 11 إلى 13 أكتوبر قد يتحول مستقبلا إلى تظاهرة سنوية في حال تحقيق النجاح المطلوب.


أضافت جنيف المعروفة بتنوع معارضها الدولية معرضا جديدا إلى قائمتها الطويلة باستضافة "معرض التنمية المستدامة" الذي انتظم ما بين الحادي عشر والثالث عشر من شهر أكتوبر في قصر المعارض بمشاركة حوالي ألف مشارك.




المعرض الذي سهرت على تنظيمه سلطات جنيف بالاشتراك مع الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية التابعة لوزارة الخارجية السويسرية، صمم على شكل عرض لتجارب 23 مدينة من بلدان الشمال والجنوب في مجال التنمية المستدامة، ومساهمات العديد من المنظمات والمعاهد المهتمة بقضايا التنمية، إضافة الى العديد من ورش العمل والمحاضرات.




السيدة فرانسواز ليبرهير، رئيسة اللجنة العلمية للتظاهرة والمستشارة في وكالة التعاون والتنمية السويسرية قالت: "لم نرغب في إضافة مؤتمر أممي جديد أو ملتقى أكاديمي جديد، بل حرصنا على عرض ما يمكن تطبيقه من تجارب عملية لحماية البيئة وإظهار التجارب المبدعة التي قامت بها العديد من المدن وخلق إطار لتبادل هذه التجارب".
تجارب رائدة في سوريا وموريتانيا ومصر


تتمثل أهداف المعرض في التعريف بتجارب بعض مدن من الشمال والجنوب في مجال التنمية المستدامة وحماية البيئة وتوفير الطاقة.




من هذه التجارب عدة تجارب رائدة في عدد من الدول العربية نذكر منها التجربة المقدمة من قبل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، والممولة جزئيا من قبل سويسرا الى جانب كندا والولايات المتحدة الأمريكية والهادفة الى تأهيل "مخيم النيرب للاجئين الفلسطينين" الذي يقع في ضواحي حلب بسوريا.




وتقول المهندسة هبة فاعور: "إنه مشروع إعادة تأهيل مخيم النيرب في حلب بسوريا، المكون من أكواخ تعود الى العهد العثماني والمكتظ بالسكان. وقد تم تقسيم المشروع الى مرحلتين المرحلة الأولى (ما بين 2002 و 2007) تمثلت في بناء مساكن جديدة بمرافق اجتماعية وصحية في "عين التل" بالقرب من حلب حيث سيتم توطين 300 عائلة أي حوالي 5500 مستفيد.




ومن المنتظر أن يشرع في المرحلة الثانية ابتداء من عام 2006 والتي تتمثل في إعادة تأهيل مخيم النيرب بعد تخفيف الضغط السكاني عنه لخلق فضاءات اجتماعية وصحية لكي يستفيد منها حوالي 7500 لاجئ فلسطيني.




أما المدير السويسري لمشروع إعادة تأهيل مخيم النيرب المهندس توماس رمسلر، فيقول: "إن المرحلة الثانية من المشروع هي في طور الدراسة وسنشرع في تحسيس الممولين على أمل أن نشرع في التطبيق في العام القادم، وهي عملية قد تستمر للسنوات الخمس أو العشر القادمة".




ويشير المهندس رمسلر إلى أن خصوصية المرحلة الثانية تتمثل في "إعادة تأهيل مباني قائمة وبالتالي فحصها وإخلاؤها لفترة الترميم". أما عن المشاركة السويسرية في العملية فتعود الى قبل خمس سنوات عندما مولت عمليات التحضير والدراسة وساهمت في إدارة المشروع وفي تقديم الدعم التقني بمبلغ يقارب المليون فرنك، في المقابل، قامت دول مثل كندا والولايات المتحدة الأمريكية بتمويل مشاريع البناء.




ويعتز المهندس السويسري بمشاركته في هذا المشروع لأنها كانت تجربة "أشركت السكان في اختيار الحل المناسب خطوة خطوة للتوصل الى مشروع يلائم تطلعاتهم وحاجياتهم".
القضاء على الأحياء القصديرية في نواكشوط


تجربة موريتانيا في التنمية المستدامة مثلها مشروع " تويزة" الذي يهدف الى تمكين سكان الأحياء القصديرية في العاصمة نواكشوط من الحصول على مساكن ملائمة وتحسين ظروف العيش فيها وتطوير نشاطات مدرة للدخل.




المشروع الممول من قبل البنك الدولي والسلطات الموريتانية يهدف الى تأمين حوالي 7500 مسكن وأكثر من 18 ألف من القروض الصغيرة ومئات المشاريع الصغيرة التي تسمح للسكان بتحسين تكوينهم او مداخيلهم. وقد كلف المشروع الذي تشرف على إنجازه المنظمة غير الحكومية الفرنسية للأبحاث والمبادلات التكنولوجية Gret" حوالي 12 مليون دولار.




ومن المشاريع الذي عرضتها موريتانيا في معرض التنمية المستدامة بجنيف، مشاركة طالب الدكتوراه الموريتاني موسى كايتا الطالب في إطار برنامج مراكز الكفاءات والبحث الذي تموله سويسرا والذي يجمع طلبة من الشمال والجنوب يعدونإأطروحات دكتوراه حول قضايا البيئة والصحة.




ويقول موسى كايتا أن اختصاصه في مجال الصحة يتم تحت إشراف "مركز صحة المناطق الحارة" الذي يوجد مقره في بازل. ويتمحور موضوع الدكتوراه التي يعدها حول ةتجربة كيفية إشراك سكان الأحياء الفقيرة في العاصمة الموريتانية في مفهوم "المواطنة النشطة" أي محاولة التعرف على المشاكل التي يعيشها سكان تلك الأحياء والبحث معهم عن الحلول الملائمة لها. وقد وصل إلى قناعة مفادها أنه لا يمكن تحقيق الإدارة الحسنة لأمور البلاد بدون تعزيز الإحساس "المواطنة النشطة" خصوصا في بلد لا تتوفر فيه منظمات مجتمع مدني تحظى بالمصداقية.
الدواسة الكهربية المصرية


مصر تشارك بمشروع الدواسة الكهربية المصرية وهي طريقة جديدة لانتاج الطاقة باستخدام الكم الهائل من السيارات التي تمر عبر شوارع المدن كل يوم.




عن المشروع يقول الأستاذ إيهاب عبد الكريم مدير مؤسسة سوق الأفكار التي تسهر على تسويق الفكرة: "إنه مشروع يسمح بانتاج طاقة كهربائية نظيفة من مرور السيارات فوق الدواسة، واستخدام الطاقة المنتجة في إنارة المرافق العامة والمباني الحكومية".




وعلى سبيل المثال يسمح طريق القاهرة ـ الإسكندرية الصحراوي الذي يبلغ طوله 200 كلم ويعرف متوسط كثافة مرور ما بين 35 الف و50 الف سيارة يوميا، بإنتاج طاقة كهربائية عن طريق الدواسات المركبة على الطريق تكفي لإنارة 16000 منزل وتوفير احتياجات الطاقة للإنارة العامة والزراعة والصناعة، إضافة الى توفير 800 موطن شغل.




ويرى أن مبرر اختيار المشروع المصري من قبل الساهرين على معرض التنمية المستدامة عوضا عن غيره من المشاريع التي كانت معروضة، يتمثل في أنه يساعد على "إنتاج طاقة نظيفة وبدون ملوثات، وبسعر رخيص، ويسمح بخلق فرص عمل جديدة".




وعلى الرغم من أن المشروع قوبل بتشكيك وعراقيل بيروقراطية، إلا ان النماذج التي تم تركيبها والتي أظهرت نجاعة المشروع عززت من طموح المهندس إيهاب عبد الكريم لتسويق المشروع في بلدان أخرى خارج مصر.




ومن المؤكد أن اكتشاف كل هذه التجارب المحلية وتبادل المعلومات والخبرات مع المختصين في ميدان التنمية المستدامة من شتى أنحاء العالم هو الإنجاز الحقيقي لمعرض التنمية المستدامة الذي تعقد الآن آمال كبرى على إمكانية تحويله مستقبلا الى معرض سنوي.

Share this